كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وبذلك تعلم صحة حديث عبادة بن الصامت المذكور.
وقال الزرقاني (في شرح الموطأ): وفيه- يعني حديث عبادة المذكور- أن تارك الصلاة لا يكفر ولا يتحتم عذابه. بل هو تحت المشيئةو بنص الحديث، وقد أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من طريق مالك، وصححه ابن حبان، والحاكم، وابن عبد البر. وجاء من وجه آخر عن عبادة بنحوه في أبي داود، والنسائي، والبيهقي، وله شاهد عند محمد بن نصر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. اه منه.
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار): ولهذا الحديث شاهد من حديث أبي قتادة عند ابن ماجه، ومن حديث كعب بن عجرة عند أحمد، ورواه أبو داود عن الصنابحي اه، محل الغرض منه.
وقال النووي (في شرح المهذب) بعد أن ساق حديث عبادة بن الصامت المذكور: هذا حديث صحيح رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة. وقال ابن عبد البر: هو حديث صحيح ثابت، لم يختلف عن مالك فيه. فإن قيل: كيف صححه ابن عبد البر مع أنه قال: إن المخدجي المذكور في سنده جهول؟ فالجواب عن هذا من جهتين: الأولى- أن صحته من قبيل الشواهد التي ذكرنا، فإنها تصيره صحيحًا. والثانية- هي ما قدمنا من توثيق ابن حبان المخدجي المذكور. وحديث عبادة المذكور فيه الدلالة الواضحة على أن ترك الصلاة ليس بكفر، لأن كونه تحت المشيئة المذكور فيه دليل على عدم الكفر لقوله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لِمَن يَشَاءُ} [النساء: 116].
ومن أدلة هذا القول على تارك الصلاة المقر بوجوبها غير كافر- ما رواه الإمام أحمد واصحاب السنن عن أبي هريرة قالك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة المكتوبة، فإن اتمها وإلا قيل انظروا هل له من تطوع، فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه. ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك» اهـ.
وقال الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار): الحديث أخرجه أبو داود من ثلاث طرق: طريقين متصلين بابي هريرة. والطريق الثالث متصل بتميم الداري. وكلها لا مطعن فيها، ولم يتطكلم عليه وهو ولا المنذري بما يوجب ضعفه. وأخرجه النسائي من طريق إسنادها جيد ورجالها رجال الصحيح كما قال العراقي وصححها ابن القطان. واخرج الحديث الحاكم (في المستدرك) وقال: هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وفي الباب عن تميم الداري عند ابي داود وابن ماجه بنحو حديث أبي هريرة، قال العراقي: وإسناده صحيح، وأخرجه الحاكم (في المستدرك) وقال: إسناده صحيح على شرط ميلم اه محل الغرض منه.
ووجه الاستدلال بالحديث المذكور على عدم كفر تارك الصلاة- أن نقصان الصوات المكتوبة وإتمامها من النوافل يتناول بعمومه ترك بعضها عمدًا، كما يقتضيه ظاهر عموم اللفظ كما ترى.
وقال المجد (في المنتفى) بعد أن ساق الأدلة التي ذكرنا على عدم كفر تارك الصلاة المقر بوجوبها عمدًا ما نصه: ويعتضد هذا المذهب عمومات، منها ما روي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنه والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» متفق عليه. وعن انس بن مالك أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال ومعاذ رديفه على الرجل: «يا معاذ»، قال لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثًا، ثم قال: «ما من عبد يشهد إلا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله إلا حرمه على النار» قال: يا رسول الله، أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال: «إذًا يتكلوا» فأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا. اي خوفًا من الإثم بترك الخبر به. متفق عليه، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة. فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا» رواه مسلم. وعنه أيضًا: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه» رواه البخاري اه محل الغرض منه.
وقالت جماعة من أهل العلم، منهم الإمام ابو حنيفة رحمه الله وأصحابه، وجماعة من أهل الكوفة، وسفيان الثورين والمزني صاحب الشافعي: إن تارك الصلاة عمدًا تكاسلًا وتهاونًا مع إقراره بوجوبها لا يقتل ولا يكفر. بل يعزر ويحبس حتى يصلي واحتجوا على عدم كفره بالأدلة التي ذكرنا آنفًا لأهل القول الثاني. واحتجوا لعدم قتله بأدلة، منها حديث ابن مسعود المتفق عليه الذي قدمناه في سورة (المائدة) وغيرها: «لا يحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث...»، ولم يذكر منها ترك الصلاة. فدل ذلك على أنه غير موجب للقتل. قالوا: والأدلة التي ذكرتم على قتله إنما دلت عليه بمفاهيمها أعني مفاهيم المخالفة كما تقدم إيضاحه. وحديث ابن مسعود دل على ما ذكرنا بمنطوقه والمنطوق مقدم على المفهوم. مع أن المقرر في أصول الإمام أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يعتبر المفهوم المعروف بدليل الخطاب الذي هو مفهوم المخالفة- وعليه فإنه لا يعترف بدللاة الأحاديث المذكورة على قتله. لأنها إنما دلت عليه بمفهوم مخالفتها، وحديث ابن مسعود دل على ذلك بمنطوقه.
ومنها قياسهم ترك الصلاة على ترك الصوم والحج مثلًا. فإن كل واحد منهما من داعائم الإسلام ولم يقتل تاركها، فكذلك الصلاة.
أما الذين قالوا بأنه كافر، وأنه يقتل. فقد أجابوا عن حديث ابن مسعود: بأنه عام يخصص بالأحاديث الدالة على قتل تارك الصلاة. وعن قياسه على تارك الحج والصوم: بأنه فاسد الاعتبار لمخالفته للأحاديث المذكورة الدالة على قتله. وعن الأحاديث الدالة على عدم الكفر: بأن منها ما هو عام يخصص بالأحاديث الدالة على كفره. ومنها ما هو ليس كذلك كحديث عبادة بن الصامت الدال على أنه تحت المشيئة. فالأحاديث الدالة على كفره مقدمة عليهن لأنها أصح منه، لأن بعضها في صحيح مسلم وفيه التصريح بكفره وشركه. ومنها حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه، ومع حديث أم سلمة وعرف بن مالك في صحيح مسلم كما تقدم إيضاحه.
ورد القائلون بأنه غير كافر أدلة مخالفيهم- بأن المراد بالكفر في الأحاديث المذكورة كفر دون كفر. وليس المراد الكفر المخرج عن ملة الإسلام. واحتجوا لهذا بأحاديث كثيره يصرح فيها النَّبي صلى الله عليه وسلم بالكفر، وليس مراده الخروج عن ملة الإسلام. قال المجد (في المنتفى): وقد حملوا احاديث التكفير على كفر النعمة، أو على معنى قد قارب الكفر وقد جاءت أحاديث في غير الصلاة أريد بها ذلك. فروى ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» متفق عليه: وعن أبي ذر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار» متفق عليه. وعن أي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت» رواه أحمد ومسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان عمر يحلف «وأبى» فنهاه النَّبي صلى الله عليه وسلم وقال: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك» رواه أحمد. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن» انتهى منه بلفظه. وأمثاله وأمثاله في السنة كثيرة جدًا. ومن ذلك القبيل تسمية الرياء شركًا. ومنه الحديث الصحيح في البخاري وغيره أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت الناء فلم ار منظراُ كاليوم أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء» قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: «بكفرهن» قيل: يكفرن الله؟ قال: «يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئًا قالت ما رايت منك خيرًا قط».
هذا لفظ البخاري في بعض المواضع التي أخرج فيهالحديث المذكور. وقد اطلق فيه النَّبي صلى الله عليه وسلم اسم الكفر عليهن. فلما استفسروه عن ذلك تبين أن مراده غير الكفر المخرج عن ملة الإسلام.
هذا هو حاصل كلام العلماء وأدلتهم في مسألة ترك الصلاة عمدًا مع الاعتراف بوجوبها. وأظهر الأقوال أدلة عندي: قول من قال إنه كافر. وأجرى الأقوال على مقتضى الصناعة الأصولية وعلوم الحديث قول الجمهور: إنه كفر غير محرج عن الملة لوجوب الجمع بين الأدلة إذا أمكن. وإذا حمل الكفر والشرك المذكوران في الأحاديث على الكفر الذي لا يخرج عن الملة حصل بذلك الجمع بين الأدلة والجمع واجب إذا أمكن. لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما كما هو معلوم في الأصول وعلم الحديث. وقال النووي (في شرح المهذب) بعد أن اق أدلة من قالوا إنه غير كافر ما نصه: ولم يزل المسلم ون يورثون تارك الصلاة ويرورثون عنه ولم كان كافرًا لم يغفر له ولم يرث ولم يورث.
وأما الجواب عما احتج به من كفره من حديث جابر وبريدة، ورواية ابن شقيق- فهو أن كل ذلك محمول على أنه شارك الكافر في بعض أحكانه وهو القتل. وهذا التأويل متعين للجمع بين نصوص الشرع وقواعده التي ذكرناها- انتهى محل الغرض منه.
المسألة الثالثة:
أجمع العلماء على أن من نسي الصلاة أو نام عنها حتى خرج وقتها يجب عليه قضاؤها. وقد دلت على ذلك ادلة صحيحة: (منها) ما رواه الشخان في صحيحيهما عن انس بن مالك رضي الله عنه: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك».
(ومنها) ما رواه مسلم عن انس أيضًا مرفوعًا: «إذا رقد احدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها، فإن الله عز وجل يقول: {وَأَقِمِ الصلاة لذكريا}».
(ومنها) ما رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه عن ابي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها. فإن الله يقول: {وَأَقِمِ الصلاة لذكريا}».
(ومنها) ما رواه النسائي، والترمذي وصححه، عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة؟ فقال: «إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها».
(ومنها) ما رواه مسلم، والإمام أحمد، عن أبي قتادة في قصة نومهم عن صلاة الفجر قال: ثم اذن بلال بالصلاة. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم.
(ومنها) ما أخرجه الإمام أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، وابن أبي شيبة، والطبراني وغيرهم، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: سرينا مع النَّبي صلى الله عليه وسلم. فلما كان آخر الليل عرسنا فلم نستيقظ حتى أيقظنا حر الشمس، فجهل الرجل منا بقولم دهشًا إلى طهوره، ثم أمر بلالًا فاذن، ثم صلى الركعتين قبل الفجر، ثم أقام فصلينا. فقالوا: يا رسول الله، ألا نعيدها في وقتها الغد؟ فقال: «أينهاكم ربكم تعالى عن الربا ويقبله منكم»؟ اهـ. وأصل حديث عمران هذا في الصحيحين. وليس فيهما ذكر الأذان والإقامة، ولا قوله: فقالوا يا رسول الله إلا نعيدها إلى آخره.
والحاصل أن قضاء النائم والناسي لا خلاف بين العلماء. وقد دلت عليه الأحاديث التي ذكرنا وأمثالها مما لم نذكره.
المسألة الرابعة:
اعلم أن التحقيق أنه يجب تقديم الصلوات الفوائت على الصلاة الحاضر. والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش. قال يا رسول الله، ما كدت اصل العصر حتى كادت الشمس تغرب؟ فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «والله ما صليتها» فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها. فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرباه. فهذا الحديث المتفق عليه فيه التصريح بان النَّبي صلى الله عليه وسلم صلى العصر قضاء بعد غروب الشمس وقدمها على المغرب. وهو نص صحيح صريح في تقديم الفائتة على الحاضرة. والمقرر في الأصول: أن أفعال النَّبي صلى الله عليه وسلم المجردة من قرينة الودوب وغيره تحمل على الوجوب، لعموم النصوص الواردة بالتاسي به صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله. وللاحتياط في الخروج من عهدة التكليف.
ومن أظهر الأدلة في ذلك أنه لما خلع نعله في الصلاة فخله أصحابه نعالهم تأسيًا به صلى الله عليه وسلم قبل أن يعلموا أن جبريل أخبره أن بباطنها أذى، وسألهم صلى الله عليه وسلم لم خلعوا نعالهم؟ وأجابوا بأنهم رأوه خلع نعله وهو فعل مجرد من قرائن الوجوب وغيره- أقرهم على ذلك ولم ينكر عليهم. فدل ذلك على لزوم التاسي به في أفعاله المجردة من القرائن. والحديث وإن ضعفه بعضهم بالإرسال فقد رجح بعضهم صله.
والأدلة الكثيرة على وجوب التاسي به صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة شاهدة له. وإلى كون أفعاله صلى الله عليه وسلم المجردة من القرائن تحمل على الوجوب أشار في مراقي السعود في كتاب السنة بقوله:
وكل ما الصفة فيه تجهل ** فللوجوب في الأصح يجعل

وفي حمله على الوجوب مناقشات معروفة في الأصول. انظرها في (نشر البنود) وغيره.
ويعتضد ما ذكرنا من أن فعله المجرد الذي هو تقديم العصر الفائتة على المغرب الحاضرة يقتضي الوجوب بقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا ما رأيتموني أصلي» وقال الحافظ في (فتح الباري) في استدلال البخاري على تقديم الأولى من الفوائت. فالأولى بفعل النَّبي صلى الله عليه وسلم المذكور ما نصه: ولا ينهض الاستدلال به لمن يقول بترتيب الفوائت، إلا إذا قلنا: إن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم المجردة للوجوب. اللهم إلا أن يستدل له بعموم قوله: «صلوا كما رأيتموني اصلي».
وقد اعتبر ذلك الشافعية في أشياء غير هذا- انتهى منه.
ونحن نقول: اظهر أن الأفعال المجردة تقتضي الوجوب كما جزم به صاحب المراقي في البيت المذكور، وكذلك عموم حديث: «صلوا كما رأيتموني أصلي» يقتضي ذلك ايضًا. والعلم عند الله تعالى.
واعلم أنه إن تذكر فائتة في وقت حاضرة ضيق. فقج اختلف العلماء: هل يقدم الفائتة وإ ن خرج وقت الحاضرة أولًا- إلى ثلاثة مذاهب:
الأول- أنه يقدم الفائتة وإن خرج وقت الحاضرة. وهذا هو مذهب مالك وجل أصحابه.
الثاني- أن يبدأ بالحاضرة محافظة على الوقتز وهو مذهب الشافعي وابي حنيفة وأصحابه وأكثر أصحاب الحديث.
الثالث- أنه يخير في تقديم ما شاء منهما. وهو قول أشهب من أصحاب مالك. قال عياض: ومحل الخلاف إذا لم تكثر الصلوات الفوائت. فأما إذا كثرت فلا خلاف أنه يبدأ بالحاضرة. واختلفوا في حد القليل في ذلك. فيقل صلاة يوم. وقيل أربع صلوات.
المسألة الخامسة:
أما ترتيب الفوائت في أنفسها فأكثر أهل العلم على وجوبه مع الذكر لا مع النسيان. وهو الأظهر. وقال الشافعي رحمه الله: لا يجب الترتيب فيه بل يندب؛ وهو مروي عن طاوس، والحسن البصري، ومحمد بن الحسن، وأبي ثور، وداود. وقال بعض أهل العلم: الترتيب واجب مطلقًا، قلت الفوائت أم كثرت. وبه قال أحمد وزفر. وعن أحمد رحمه الله: لو نسي الفوائت صحت الصلوات التي صلى بعدها. وقال أحمد وإسحاق: لو ذكر فائتة وهو في حاضرة تم التي هو فيها ثم قضى الفائتة، ثم يجب غعادة الحاضر. واحتج لهم بحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فإذا فرغ من صلاته فليعد الصلاة التي نسي، ثم ليعد الصلاة التي صلاها مع الإمام» قال النووي في (شرح المهذب) وهذا حديث ضعيف، ضعفه موسى بن هارون الجممال (بالحاء) الحافظ. وقال أبو زرعة الرازي. ثم البيهقي: الصحيح أنه موقوف.